العلم أصل كل الشرور
مفاهيم مغلوطة حول قصص الكتاب المقدس
في الآونة الأخيرة
نادى البعض برمزية كثير من قصص الكتاب المقدس عمومًا و العهد القديم خصوصًا ظنًا
منهم أن بهذه الطريقة سيصلون لعملية التصالح بين الكتاب المقدس و العلوم الإنسانية
من تاريخ و أحياء و فلك و أيضًا مصالحة النص الكتابي مع الجوانب الإنسانية من
حريات و حقوق و يطلق البعض على هؤلاء اسم "المستنيرون" و هنا علينا أن
نمتحن الروح ..... و من هذا المنطلق علينا أن نجيب عن بعض التساؤلات حول هذه القصص
بل و الأهم تفسير معاني للمصطلحات التي يتم استخدامها لنصل إلى الفهم الكامل لمعنى
النص الكتابي و رسالة الكتاب المقدس بشكل حيادي دون تعصب أو اتهام بالهرطقة أو
الزندقة و ذلك بالرجوع للتفاسير الآبائية و إعمال العقل البشري الذي أعطانا إياه
الله لنعرفه.
1- ما معنى مصطلحات "رمز"، "خرافة"، "أسطورة"، "واقعي"، "حرفي"؟
·
الرمز : هو أسلوب أدبي يعتمد على توصيل المعنى
باستخدام رموز و إشارات دون ذكر المعنى بشكل واضح مثل : أمثال السيد المسيح .
·
الخرافة : قصة غير واقعية توصل معاني لا تمت
للواقع بصلة و تنشر معلومات مغلوطة و تكون وسيلة لنشر الجهل مثل : خرافات السحر و
الشعوذة .
·
الأسطورة : قصص غير واقعية تشير إلى رسالة
معينة مثل : أسطورة إيزيس و أوزيريس التي تهدف إلى توصيل رسالة انتصار الخير على
الشر .
·
القصة الواقعية : هي قصص حدثت فعلياً و يستدل
علي واقعيتها من خلال أدلة مادية و مراجع تاريخية.
·
الحرف : هو أسلوب أدبي يهدف إلى توصيل المعني
بشكل مباشر لا يحتمل التأويل أو الرمزية مثل : حياة السيد المسيح .
· الرمز الواقعي: قصة حقيقية واقعية لكنها تهدف الي توصيل رسالة أخري وراء القصة مثل: قصص حروب العهد القديم.
· الرمز الواقعي: قصة حقيقية واقعية لكنها تهدف الي توصيل رسالة أخري وراء القصة مثل: قصص حروب العهد القديم.
2- ما الفرق بين الأسلوب و الهدف من النص ؟
·
أسلوب النص: هو القالب الأدبي الذي يتخذه
الكاتب لتوصيل الرسالة و قد يكون رمزيًا أو حرفيًا ، شعرًا أو نثرًا ، واقع أو
أسطورة ......إلخ فهو مجرد وسيلة.
·
الهدف من النص: هي الرسالة النهائية المراد
توصيلها للمستمع فالهدف هو الغاية النهائية.
3- ما هو الوحي في الكتاب المقدس ؟
يوجد شكلان من الوحي :
·
الوحي الإملائي : حيث يقوم الله بإملاء النبي
رسالته ليقوم بتوصيلها للشعب و هذا النوع من الوحي لا يظهر فيه أي تدخل من الكاتب
سوى أنه اليد التي تكتب و لا نجد مثل هذا النوع من الوحي في الكتاب المقدس إلا في
الوصايا العشر.
·
الوحي الإلهامي : يقوم الكاتب بكتابة الرسالة
و يتدخل الله لأجل توصيل الهدف.... فهنا الوحي هو عملية تفاعل بين الكاتب الذي
يستخدم القالب الأدبي للرسالة و الله الذي يوجه الكاتب بقالبه الأدبي إلى الغاية و
الهدف و الرسالة النهائية و نجد هذا واضحًا في كافة أسفار الكتاب المقدس.
4- ما هو الأسلوب المتبع في كتابات الأنبياء و الرسل ؟
الكتاب المقدس نجد فيه تنوع كبير بين الأساليب المختلفة
فجميع الأساليب التي ذكرت نجدها واضحة على مدار الأسفار بل و نجد أحيانًا أساليب
مختلفة في السفر الواحد إلا أن جميعها لها هدف واحد و هو خلاص الإنسان و علاقة الإنسان
بالله و الوطن النهائي للإنسان في أحضان الله و ليس بهدف توضيح حقائق علمية او تاريخية فالكاتب يستخدم أسلوبه الذي يتأثر
بثقافة الكاتب و المجتمع و الله يوجهه للهدف.
و من المعروف ان العهد القديم هو عهد النبوات و الرموز و العهد الجديد (باستثناء رؤيا يوحنا) هو عهد النعمة و تحقيق النبوات في الكلمة المتجسد و الروح القدس.
و من المعروف ان العهد القديم هو عهد النبوات و الرموز و العهد الجديد (باستثناء رؤيا يوحنا) هو عهد النعمة و تحقيق النبوات في الكلمة المتجسد و الروح القدس.
5- ما رأي الآباء في التفاسير بين الرمزية و الحرفية ؟
في الحقيقة عندما بحثت عن حقيقة بعض قصص العهد القديم
وجدت البعض يتحدث عن تفاسير رمزية ظننت في بداية الأمر أنها مجرد محاولة للتصالح
مع العلم الحديث و مجرد محاولة لحفظ ماء وجه الكتاب المقدس و لكن مع البحث العميق
وجدت أن آباء الكنيسة الأوائل اختلفوا في القرون الأولى بين التفاسير الرمزية و
الحرفية فنجد :
·
مدرسة الإسكندرية : بقيادة أوريجانوس و إكليمنضس
أجمعوا على التفاسير الرمزية.
·
مدرسة أنطاكيا : أتخذت اتجاه حرفي بحت لدرجة
التمسك بشرائع العهد القديم و محاربة مدرسة الإسكندرية و أهم آبائها مارإفرآم
السرياني .
·
المدرسة اليونانية : اختلف آبائها بين
الرمزية و الحرفية. فبينما أجمع كافة آبائها و لعل أهمهم القديس أغريغوريوس و سيلسوسعلى
التفسير الرمزي نجد استثناءات مثل القديس باسيليوس الكبير الذي لجأ للتفاسير
الحرفية و القديس يوحنا ذهبي الفم الذي جمع بين التفسيرين لكنه مال أكثر للتفسير
الرمزي .
·
الكنيسة الغربية : اختلف آباؤها بين
التفسيرين و لكننا نجد اتفاق الكثير من آبائها علي التفاسير الرمزية مثل أغسطينوس
و إيريناؤس.
·
المدارس اليهودية : فسر معلمو اليهود
العهد القديم بشكل رمزي و لعل أهمهم فيلون السكندري الرابي اليهودي و موسي بن ميمون و موسي بن نحمان .
·
البروتستانت و غيرهم من الطوائف الحديثة :
يؤكدون على حرفية النص بل و نجد منهم من يستخدم حرفية القصص لتأكيد بدع مثل الملك
الألفي و تزاوج الملائكة مع البشر و غيرها .
6-
هل من المنطقي أن تكون قصص العهد القديم
رمزية ؟
لنجيب على هذا السؤال علينا أن نبحث في أكثر من مجال :
·
ثقافة الكاتب .
·
ثقافة المتلقي .
·
الخلفية التاريخية للمجتمع .
·
رأي آباء القرون الأولى .
·
رأي معلمي اليهود .
·
الغرض من الرسالة و مدى توافقها مع التفاسير
.
نجد السيد المسيح "بِدُونِ مَثَل
لَمْ يَكُنْ يُكَلِّمُهُمْ." (إنجيل مرقس 4: 34) في عصر تفاعل اليهود مع
فلاسفة و ثقافة اليونانيين فكيف كان ليكلم شعوب العهد القديم في جهلهم ؟؟؟؟
نجد أيضًا بولس الرسول يوضح أهمية التعامل
مع روح النص و الغرض منه "لأَنَّ الْحَرْفَ يَقْتُلُ وَلكِنَّ الرُّوحَ يُحْيِي."(2
كو 3: 6)
7- ما هي الانتقادات الموجهة للتفاسير الرمزية ؟
في إحدي عظات تفاسير الكتاب المقدس وجدت
انتقاضات لاذعة للتفاسير الرمزية منها ما هو رافض للرمزية بشكل عام و منها ما هو
رافض لرمزية قصص بعينها و في هذه الحلقة سأناقش الانتقاضات العامة بينما سيتم
تأجيل الانتقاضات الموجهة لتفاسير القصص في حلقات خاصة بكل قصة .
الانتقاض
|
الرد و
التوضيح
|
التفسير
الرمزي ضد تفاسير الآباء.
|
ذكرنا في
سطور سابقة المرجعية الآبائية للتفسير الرمزي و خصوصًا رأي مدرسة الإسكندرية .
|
استشهاد
المسيح بقصص العهد القديم ينفي رمزيتها و يؤكد واقعيتها.
|
المسيح
استخدم الأمثال فما المانع من استخدام رموز العهد القديم لتوضيح معانيها و تأكيد
المعني الرمزي لما كان يظنه الفريسيون حرفًا .
|
استشهاد
المسيح برمز يجعله كاذبًا حيث نجد أن المسيح كان دائمًا ما يوضح أن ما ذكره هو
مثل.
|
المسيح
استخدم رموز كثيرة في أحاديثه لعل أهمها حديثه عن "خمير الفريسيين" و
"هدم الهيكل (جسده) و بناءه في ثلاثة أيام" و "استخدام السيفين (كلمة
الله) بعد العشاء السري" فهل أصبح المسيح كاذبًا بعد استخدام هذه الرموز
دون توضيح أنها مجرد رمز أو مثل ؟!.... حاشا .
|
التفسير
الرمزي هو تفسير شيطاني يشبه تفسير الشيطان لآية "لأَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ
بِكَ لِكَيْ يَحْفَظُوكَ فِي كُلِّ طُرُقِكَ.عَلَى الأَيْدِي يَحْمِلُونَكَ لِئَلاَّ
تَصْدِمَ بِحَجَرٍ رِجْلَكَ." في حديثه مع المسيح أثناء التجربة على الجبل.
|
بالتدقيق
فيما ذكر نجد أن الشيطان استخدم التأويل الحرفي للنص فالشيطان يستغل الحرف
ليلهينا عن الروح و المعنى الرمزي لآيات الكتاب المقدس.
|
التفسير
الرمزي هو مجرد محاولة ممن يطلقون علي أنفسهم اسم "المستنيرون" للتصالح
مع العلم الحديث.
|
بالرجوع
لكتاب "مدرسة الإسكندرية و التفسير الرمزي" للقمص تادرس يعقوب نجد أن
التفسير الرمزي تفسير آبائي قديم و ليس وليد عصر العلوم الحديثة بل نجد أن آباء
القرون الأولى و علي رأسهم أغسطينوس قبلوا علوم عصرهم دون التقيد بحرفية النص
الكتابي .
|
ثلثي العالم
المسيحي بكافة طوائفه يؤمنون بالرمزية و يتبعون العلم الذي ينشر الإلحاد من خلال
نظريات التطور و الانفجار العظيم.
|
على سبيل
الفكاهة سنرد من خلال سفر الرؤيا عندما تحدث عن ضعف التعليم الكنسي "النَّهَارُ
لاَ يُضِيءُ ثُلْثُهُ، وَاللَّيْلُ كَذلِكَ." (رؤ 8: 12) فالثلث أخطأ و
الثلثين على صواب.
·
بالطبع السطر السابق
هو على سبيل الفكاهة فالانتقاض المذكور هو دعوة للتخلف و الرجعية و لا يعتبر نقض
للرمزية بل لا يجوز الالتفات إليه من الاساس.
|
الشيطان
يستهدف الإيمان المسيحي بنشر فكرة أن الكتاب المقدس كتاب أساطير و خرافات .
|
تم توضيح
الفرق بين الرمز و الأسطورة و الخرافة.
الرمزية لا
تعني الخرافة و المشكلة تكمن في الخلط بين المفاهيم .
|
في هذه الحلقة تناولنا توضيح لبعض المفاهيم
التي يُساء استخدامها لدعم أو نقض تفاسير و قصص معينة و في الحلقات القادمة
سنتناول تفاصيل قصص معينة من العهد القديم و وضع أساسيات لدراستها و لعل أهمها قصص
الخلق و الطوفان و حروب العهد القديم و غيرها من القصص. تري هل هذه القصص رمزية أم
واقعية ؟ و ما مدي تأثير التفاسير على إيماننا المسيحي ؟
و هل فهمنا النظريات العلمية كما وضحها العلماء ام كما انتقضها الفريسيون ؟
و هل فهمنا النظريات العلمية كما وضحها العلماء ام كما انتقضها الفريسيون ؟
...... في
العدد القادم
No comments:
Post a Comment